كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



16- وقوله عز وجل: {ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم} (آية 17) روى سفيان عن منصور عن الحكم بن عتيبة قال: {من بين أيديهم} من دنياهم ومن خلفهم من آخرتهم وعن أيمانهم يعني حسناتهم وعن شمائلهم يعني سيئاتهم وهذا قول حسن وشرطه أن معنى ولآتينهم من بين أيديهم من دنياهم حتى يكذبوا بما فيها من الآيات وأخبار الأمم السالفة ومن خلفهم من آخرتهم حتى يكذبوا بها وعن أيمانهم من حسناتهم وأمور دينهم ويدل على هذا قوله تعالى: {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين} وعن شمائلهم يعني سيئاتهم أي يتبعون الشهوات لأنه يزينها لهم وقيل ثم لأتينهم من بين أيديهم من آخرتهم روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم أما قوله تعالى: {من بين أيديهم} فيقول أشككهم في آخرتهم ومن خلفهم أرغبهم في دنياهم وعن أيمانهم أشبه عليهم أمر دينهم وعن شمائلهم أشهي لهم المعاصي ولا تجد أكثرهم شاكرين يقول موحدين وبهذا الإسناد من بين أيديهم يعني من الدنيا ومن خلفهم من الآخرة وعن أيمانهم قبل حسناتهم وعن شمائلهم من قبل سيئاتهم قال أبو جعفر وذلك القول لا يمتنع لأن الآخرة لم تأت بعد فهي بين أيدينا وهي تكون بعد موتنا فمن هذه الجهة يقال هي خلفنا وقيل معنى ومن خلفهم يخوفهم على تركاتهم ومن يخلفون بعدهم.
وقيل معنى وعن أيمانهم وعن شمائلهم من كل جهة يعملون منها ويكون تمثيلا لأن أكثر التصرف باليدين قال الله عز وجل: {ذلك بما قدمت يداك} وقال مجاهد من بين أيديهم وعن أيمانهم من الحسنات ومن خلفهم وعن شمائلهم من السيئات.
17- وقوله جل وعز: {قال اخرج منها مذءوما مدحورا} (آية 18) يقال ذأمته وذمته وذممته بمعنى واحد وقرأ الأعمش منوما والمعنى واحد إلا أنه خفف الهمزة وقال مجاهد المذؤم ثنا المنفي والمعنيان متقاربان والمدحور المطرود المبعد يقال اللهم ادحر عنا الشيطان.
18- وقوله جل وعز: {ولا تقربا هذه الشجرة} (آية 19) روي عن ابن عباس أنها السنبلة.
19- وقوله جل وعز: {ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما} (آية 20) أي ليظهر لهما ما ستر عنهما من فروجهما ومن هذا تواريت من فلان وقرأ الضحاك ويحيى بن أبي كثير ما أوري عنهما.
20- وقوله جل وعز: {إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين} (آية 20) وأكثر الناس على فتح اللام وقال من احتج بكسر اللام قوله جل وعز: {وملك لا يبلى} يدل على القراءة ملكين لأن ملكا من ملك وأنكر أبو عمرو بن العلاء كسر اللام وقال لم يكن قبل آدم صلى الله عليه وسلم ملك فيصيرا ملكين.
21- ثم قال جل وعز: {وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين} (آية 21) أقسم لهما مثل طارقت النعل وقيل حلفا أن لا يقبلا منه إلا أن يحلف فحلف لهما.
22- وقوله جل وعز: {فدلاهما بغرور} (آية 22) المعنى فدلاهما في المعصية.
23- ثم قال جل وعز: {فلما ذاقا الشجرة} (آية 22) وهذا يدل على أنهما لم يمعنا في الأكل.
24- وقوله جل وعز: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} (آية 22) أي أخذ يلزقان ومنه خصفت النعل أي رقعتها قال ابن عباس وهو ورق التين أخذاه فجعلاه على سوأتهما والفرق بين معصية آدم ومعصية إبليس أن إبليس أقام على الذنب وتاب آدم ورجع قال الله جل وعز: {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}.
25- وقوله جل وعز: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوأتكم} (آية 26) قال مجاهد كان قوم من العرب يطوفون بالبيت عراة فأنزل الله عز وجل: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوأتكم وريشا}.
قال مجاهد الريش المال وقال الكسائي الريش اللباس وقال أبو عبيدة الريش والرياش ما ظهر من اللباس والشارة والريش عند أكثر أهل اللغة ما ستر من لباس أو معيشة وأنشد سيبوية فريشي منكم وهواي معكم وإن كانت زيارتكم لماما وحكى أبو حاتم عن أبي عبيدة وهبت له دابة بريشها أي بكسوتها وما عليها من اللباس قال الفراء يكون الرياش جمعا للريش وبمعناه أيضا مثل لبس ولباس.
26- ثم قال جل وعز: {ولباس التقوى ذلك خير} (آية 26) أي لباس التقوى خير من الثياب لأن الفاجر وإن لبس الثياب فهو دنس وروى قاسم بن مالك عن عوف عن معبد الجهيني قال لباس التقوى الحياء وقرأ الأعمش ولباس التقوى خير ولم يقرأ ذلك.
27- وقوله جل وعز: {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} (آية 27) قبيله جنوده قال مجاهد يعني الجن والشياطين.
28- وقوله جل وعز: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا} (آية 28) قال مجاهد كانت النساء تطوف بالبيت عراة عليهن الرهاط وقال الرهاط جمع رهط خرقة من صوف أو سيور كذا قال الفراء فهذه الفاحشة الذي قالوا وجدنا عليها آباءنا وقال غيره كان الرجال يطوفون نهارا عراة والنساء بالليل ويقولون لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها.
29- وقوله جل وعز: {قل أمر ربي بالقسط} (آية 29) أي بالعدل وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد.
قال مجاهد أي استقبلوا القبلة أينما كنتم ولو كنتم في كنيسة وقال غيره معناه إذا أدركتكم الصلاة في مسجد فصلوا ولا يقل أحدكم لا أصلي إلا في مسجدي.
30- ثم قال جل وعز: {كما بدأكم تعودون} (آية 29) قال مجاهد من بدئ سعيدا عاد سعيدا ومن بدئ شقيا عاد شقيا وقال محمد بن كعب يختم للمرء بما بدئ به ألا ترى أن السحرة كانوا كفارا ثم ختم لهم بالسعادة وأن إبليس كان مع الملائكة مؤمنا ثم عاد إلى ما بدئ به.
31- وقوله جل وعز: {يا بني آدم خذوا زينتكم عن كل مسجد} (آية 31).
قال عطاء وطاووس والضحاك يعني اللباس لأن قوما من العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة وهو مذهب مجاهد وروى شعبة عن سلمة بن كهيل قال سمعت مسلم البطين يحدث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فنزلت خذوا زينتكم عند كل مسجد قال الزهري كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحمس قريشا وأحلافها فقال الله جل وعز: {خذوا زينتكم عند كل مسجد}.
32- ثم قال جل وعز موبخا لهم {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} (آية 32) هو عام.
وقيل أي من حرم لبس الثياب في الطواف ومن حرم ما حرموا من البحيرة وغيرها قال الفراء إن قبائل من العرب كانوا لا يأكلون اللحم أيام حجهم ويطوفون عراة فأنزل الله جل وعز هذا.
33- ثم قال جل وعز: {قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة} (آية 32) قال الضحاك يشترك فيها المسلمون والمشركون في الدنيا وتخلص للمسلمين يوم القيامة وقيل في الحياة الدنيا في الصلة أي آمنوا في ذا الوقت خالصة من الغم والتنغيص.
34- وقوله جل وعز: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} (آية 33) روى روح بن عبادة عن زكريا بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ما ظهر منها نكاح الأمهات في الجاهلية وما بطن الزنا وقال قتادة سرها وعلانيتها.
35- ثم قال جل وعز: {والإثم} (آية 33) وقال في موضع آخر يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير فدل بهاتين الآيتين على أن الخمر والميسر حرام.
36- وقوله جل وعز: {ولكل أمة أجل} (آية 34) أي وقت مؤقت.
فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة المعنى لا يستأخرون ساعة ولا أقل من ساعة إلا أن الساعة خصت بالذكر لأنها أقل أسماء الأوقات.
37- وقوله عز وجل: {فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته} (آية 37) المعنى أي ظلم أشنع من الافتراء على الله والتكذيب بآياته.
38- ثم قال جل وعز: {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} (آية 37) روى جابر عن مجاهد عن ابن عباس قال ما قدر لهم من خير وشر وروى شريك عن سالم عن سعيد بن جبير: {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال من الشقوة والسعادة وروى سفيان عن منصور عن مجاهد قال ما وعدوا فيه من خير وشر ومعنى هذا القول أنهم ينالهم نصيبهم من العذاب على قدر كفرهم نحو قوله: {إن الله لا يغفر أن يشرك به} و{إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} وقال جل وعز: {يسلكه عذابا صعدا} وكذلك قال الضحاك معناه ينالهم نصيبهم من العذاب.
39- ثم قال جل وعز: {حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم} (آية 37) قيل أعوان ملك الموت لما جاءوهم أقروا أنهم كانوا كافرين وقيل ملائكة العذاب ومعنى يتوفونهم على هذا يتوفونهم عذابا كما تقول قتلته بالعذاب ويجوز أن يكون من استيفاء العدد..
40- وقوله جل وعز: {قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم} (آية 38) قيل معنى في معنى مع وهذا لا يمتنع لأن قولك زيد في القوم معناه مع القوم وتجوز أن تكون في على بابها وقال الأصمعي في قول امرئ القيس وهل ينعمن من كان آخر عهده ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال معنى في معنى مع.
41- وقوله جل وعز: {حتى إذا اداركوا فيها} (آية 38).
أي تتابعوا واجتعوا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا المعنى قالت أخراهم يا ربنا هؤلاء أضلون به لأولاهم أي يعني أولاهم.
42- وقوله جل وعز: {قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون} (آية 38) يجوز أن يكون المعنى ولكن لا تعلمون يا أهل الدنيا مقدار ما هم فيه من العذاب ويجوز أن يكون المعنى لا تعلمون أيها المخاطبون ومن قرأ ولكن لا يعلمون فمعناه عنده ولكن لا يعلم كل فريق مقدار عذاب الفريق الآخر.
43- وقوله جل وعز: {وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل} (آية 39) قال مجاهد أي من تخفيف العذاب.
وقال السدي قد ضللتم كما ضللنا.
44- وقوله جل وعز: {لا تفتح لهم أبواب السماء} (آية 40) قيل يعني ابواب الجنة لأن الجنة في السماء وأحسن ما قيل في هذا ما رواه سفيان عن منصور عن مجاهد قال لا تفتح أبواب السماء لكلامهم ولا لعملهم ويدل على صحة هذا القول قوله جل وعز: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} وفي هذا حديث مسند رواه المنهال عن زاذان عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم إن العبد الكافر أو المنافق إذا خرجت نفسه أخذتها الملائكة حتى تنتهي إلى سماء الدنيا يفوح منها كأنتن ريح جيفة كانت على وجه الأرض فيستفتح له فلا يفتح ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفتح لهم أبواب السماء فيقول الله اجعلوا كتابه في سجين وأعيدوه إلى الأرض فتطرح طرحا ثم قرأ عليه السلام ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء.
45- ثم قال جل وعز: {ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} (آية 40) والمعنى لا يدخلون الجنة ألبتة والعرب تستعمل أمثال هذا كثيرا وسئل عبد الله بن مسعود عن الجمل فقال هو زوج الناقة كأنه استجهل من سأله عما يعرفه الناس جميعا.
ويروى عن ابن عباس أنه قرأ حتى يلج الجمل بضم الجيم وتشديد الميم وقال هو القلس من حبال السفن.
وقال أحمد بن يحيى هي الحبال المجموعة جمع جملة وروى عن سعيد بن جبير أنه قرا حتى يلج الجمل بضم الجيم وتخفيف الميم قيل هو القلس أيضا والسم والسم ثقب الإبرة وقرا ابن سيرين بضم السين والخياط والمخيط الإبرة ونظيره قناع ومقنع.